شدوا الهمة .. وانسوا الدوري والقمة

بدأ العد التنازلي للبداية المصرية التي ينتظرها الجميع، ولا أجد أي مجال للحديث عن أي موضوع سوي خوض منتخبنا الوطني المصري للتصفيات النهائية المؤهلة لكأس العالم القادمة، وهو الحلم الذي طال ولا نعرف إذا كان سيتحقق قريبا أم لا قدر الله سيظل يراودنا.

حينما أطلت التفكير وأطلقت العنان لخيالي للحظة وشاهدت جمهور مصر في انتظار أولي مباريات منتخب مصر في كأس العالم، اقشعر جسدي وسرت بداخلي تلك الطاقة الكبيرة الكامنة طوال 19 سنة هي عمر آخر وجود مصري في بطولة كأس العالم بإيطاليا، وأتذكر وقتها كم كنا سعداء بغض النظر عن نتائج المباريات.

فدعونا نعود بالذاكرة إلي الخلف "كثيراً" وليس قليلا، ففي عام 1990 كانت مصر في قمة الأداء خلال التصفيات الإفريقية، واستطاعت أن تزيح العديد من الفرق كمن يقوم بقيادة دبابة ويطيح بكل من يقابله في طريقه حتى الجبال والمباني والأبراج.

وجاءت المباراة الفاصلة التي كانت أمام الجزائر الشقيقة، وكأننا قد كتب علينا أن نرافقها دائما في العديد من المباريات الفاصلة والحاسمة مثلما حدث أيضا عام 1984 في المباراة النهائية التي كانت ستؤهلنا للعب في اوليمبياد لوس أنجلوس وفزنا يومها بهدف علاء نبيل لاعب المقاولون وقتها.

جاءت مباراة الجزائر التي رفعتنا الى مصاف عظماء اللعبة لنواجههم في المعترك العالمي بإيطاليا 90 .. تعادلنا في العاصمة الجزائرية، ثم تأهلنا بهدف القناص حسام حسن في مباراة لن تنساها جماهير الكرة المصرية عامة لتكون واحدة من أحلى الذكريات التي مرت في تاريخ الكرة المصرية.

وحجز المنتخب المصري تذكرة الصعود لنهائيات كأس العالم، لنقع في مجموعة ضمت هولندا بطلة أوروبا حينها، وانجلترا الغنية عن التعريف، وايرلندا صاحبة الوجود الدائم في كأس العالم، ولم نهتم وقتها بالنتائج بقدر اهتمامنا بصعودنا ووجودنا مع هؤلاء الكبار.

وواصل منتخبنا نتائجه المبهرة في هذا العام، فحقق أولي مفاجآت ايطاليا90 وتعادل مع هولندا بهدف لكل فريق وهو الهدف الوحيد الذي سجلناه، ثم تعادلت مصر مع ايرلندا في ثاني مبارياتها سلبيا، لتكون مباراتنا مع انجلترا هي الفاصلة بعد تعادل كل الفرق في النقاط، وبعد رؤية منتخبنا يقارع الكبار، زاد الحلم بالتأهل للدور التالي ولكن خرجنا بهزيمة في آخر مباراة.

وقتها لم يتخيل أكثر المتفائلين أن يؤدي منتخبنا الوطني هذا الأداء الرائع، وكان منتخبنا وقتها يضم أسماء طالما تغنينا بها لسنوات، وكان هذا الجيل يلعب من أجل مصر، وإرضاءً لجماهير عاشت تحلم وهي لا تملك إلا الحلم ولا زالت تحلم وتستحق من يأتي ويحقق لها ولو نصف هذا الحلم.

يجب أن يعرف لاعبو منتخبنا الوطني أن هذا الجمهور الطيب مهما طال به العمر فلن ينساهم بعد أن أدخلوا الفرحة لبيوت المصريين لمدة أربع سنوات عقب حصولنا على لقب أمم إفريقيا عامي 2006 و2008 ... أربع سنوات من الفخر والزهو .. كنا ولا زلنا فيهن أبطال إفريقيا وزعماء قارة بأكملها.

وإذا كان النداء للاعبين، فمن حق هؤلاء الأبطال أيضا أن نقف بجانبهم ونرد لهم ولو بعض المعروف الذي أسدوه لنا دون مقابل ، فهذا الجيل يستحق أن يصل إلى كأس العالم ويتذوق طعم اللعب في المحافل الدولية، ونحن أيضا نستحق أن نقول "مصر في كأس العالم".

عمرو زكي وميدو وعماد متعب ومحمد زيدان .. تذكروا حسام حسن وجمال عبد الحميد واحمد الكأس .. أبوتريكة واحمد حسن واحمد فتحي وشوقي وبركات وحسني عبد ربه، تذكروا لاعبا واحدا فقط اسمه هشام عبد الرسول هداف تصفيات كأس العالم ايطاليا90 والذي ساهم بأكبر نصيب في صعودنا.

هاني سعيد ومحمود فتح الله ووائل جمعة، هنالك ثلاثة لاعبين فقط أتمني أن تصلوا لما وصلوا إليه .. لاعبون أسماءهم مازالت في أذهاننا وهم ربيع ياسين وإبراهيم حسن واحمد رمزي، وكان هذا العام أيضا بداية بزوغ نجم ليبرو مصري اسمه هاني رمزي صاحب العشرين عاما وقتها.

نداء أخير للجمهور المصري، دعوا الخلافات وألقوا بها في نيل بلدكم ليبتلعها حتى لا تطفو من جديد في هذا الوقت، وأذكركم من جديد.. نحن نستحق أن نفرح في ظل المعاناة اليومية والأزلية التي نواجهها، هذا الجيل يستحق أن يفرح أيضا فهو منا مهما قيل ويقال عنهم ..